fbpx

قوارب الموت.. ارتفاع معدلات هجرة الشباب من غزة بحثاً عن مستقبل أفضل

غزة – خاص دفعت الحياة الصعبة التي يمر بها سكان قطاع غزة والناجمة عن الحصار الإسرائيلي وانهيار المنظومة الاقتصادية ‏الكثير من الشباب إلى الهجرة خارج عن قطاع غزة بحثاً عن بارقة أمل في بناء مستقبل أفضل، وذلك بعد أن فقدوا الأمل ‏في العيش بالحد الأدنى من مقومات الحياة‎.‎ ونتيجة للأعداد الكبيرة التي غادرت قطاع غزة بطرق رسمية وغير رسمية، لا تمتلك وزارة الداخلية في قطاع غزة رقماً ‏لأعداد المهاجرين من فئة الشباب، وذلك لصعوبة التأكد من أعداد من خرجوا من قطاع غزة نتيجة خروج بعضهم عبر ‏الأنفاق باتجاه الأراضي المصرية خلال السنوات الماضية أو بالسفر من خلال معبر رفح تحت ذريعة الدراسة أو ‏العلاج‎.‎ ارتفاع غير مسبوق وشهدت مكاتب السياحة والسفر في قطاع غزة نشاطاً غير مسبوق خلال الأشهر الأخيرة لحصول الشباب على تأشيرة ‏سفر، وذلك بعد أن أعادت مصر فتح معبر رفح مع قطاع غزة بشكل يومي منتصف شهر أيار الماضي، في إطار ‏جهودها للتخفيف عن سكان قطاع غزة‎.‎ وتنامت هجرة الشباب من قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة عام 2014، فقد اتخذ الشباب المهاجرين مسارين ‏للهجرة، الأول عبر التهريب من خلال الأنفاق الرابط بين مصر وقطاع غزة ومن ثم الوصول إلى أحد الموانئ ‏المصرية والسفر منها عبر قوارب المهربين باتجاه أحد السواحل الايطالية، أو من خلال السفر بطرق رسمية من مصر ‏إلى تركيا ومنها إلى اليونان وصولاً إلى إحدى الدول الأوروبية‎.‎ وقضى عشرات الفلسطينيين غرقاً في رحلات التهريب التي تكون محفوفة بالمخاطر، وشجع كبار المهربين الذين ‏يستخدمون قوارب متهالكة في تهريب المهاجرين أو يضعون أعداداً كبيرة تفوق استيعاب تلك القوارب أو يقومون ‏بإلقائهم في نقاط بعيدة عن السواحل الايطالية، ناهيك عن حالات الخداع وسرقة الأموال من المهاجرين‎.‎ البحث عن مستقبل أفضل ‎”‎فراس أبو جزر” 27 عاماً، من مدينة خانيونس أحد الشبان الذين نجحوا بعد مخاطرة كبيرة من الوصول إلى بلجيكا، ‏بداية أبريل الماضي، يقول لمرصد “مينا”: “غزة أصبحت لا تصلح للحياة، حرب كل 3 أعوام تقريباً، واقتصاد مدمر، ‏وبطالة مستفحلة، ولم يبقى أمامي وكثيرين أمثالي إلا الهجرة باتجاه إحدى الدول الأوروبية‎”.‎ يضيف: “خرجت من قطاع غزة عبر معبر رفح بعد أن انتظرت في قوائم السفر قرابة العام والنصف، فالبكاد كان يتمكن ‏من السفر بضع مئات في كل 3 أشهر نتيجة اغلاق معبر رفح، ومن مطار القاهرة الذي رُحلت إليه ترحيلاً لصغر سني، ‏توجهت إلى تركيا، وهناك بدأت إجراءات المخاطرة الحقيقة في التهريب إلى اليونان‎”.‎ دفع أبو جزر 1500 دولار للمهرب التركي، بهدف إيصاله إلى اليونان، ومكث عدة أيام في إحدى الغابات مع مجموعة ‏أخرى من المهاجرين لانتظار الفرصة المناسبة لغياب قوات خفر السواحل التركية واليونانية ليتمكنوا من العبور، وبعد ‏رحلة طويلة وصل إلى بلجيكا‎.‎ رحلة الموت أما الشباب “رامي النجار” 33 عاماً، أحد الشباب الغزيين الذين هاجروا إلى السويد فيروي لمرصد “مينا” رحلته في ‏الهجرة والتي وصفها بـ”رحلة الموت” فيقول: “خرجت أنا وزوجتي من قطاع غزة عبر أحد الأنفاق الأرضية بعد أن ‏دفعنا لأحد المهربين 2000 دولار، وتكفل بنقلنا إلى مدينة بورسعيد وبعد أن مكثنا 3 أيام في إحدى الشقق التي تتبع ‏للمهربين، نقلنا عبر البحر إلى ميناء الاسكندرية الذي كان نقطة الانطلاق باتجاه الأراضي الايطالية‎”.‎ ركب النجار قارب مصري صغير تابع للمهربين والذين طلبوا منه مبلغ مالي إضافي قدر بـ 3000 دولار (1500 دولار ‏على الشخص)، ومن ثم أوصلهم هذا القارب حتى المياه الدولية حيث كانت تنتظرهم سفينة كبيرة نقلوا إليها مع عشرات ‏المهاجرين، باتجاه السواحل الايطالية‎.‎ ويضيف: “مع اقترابنا من السواحل الإيطالية لبسنا طوافات السباحة وطلب منا أصحاب السفينة بالنزول إلى المياه ‏والسباحة حتى الشاطئ حيث كانت قوات خفر السواحل الايطالية مع عناصر من الصليب الأحمر الدولي ينتظروننا على ‏الشواطئ ومن هناك نقلنا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين‎.‎ وأثناء مكوث النجار وزوجته في مركز تجميع المهاجرين جاء إليهم أحد المهربين الايطاليين وعرض عليهم مساعدتهم ‏بالخروج من المركز وإيصالهم إلى وجهتهم، مقابل دفع 1000 دولار، وبالفعل وافق رامي وزوجته على العرض، وقام ‏المهرب بتجهيز أوراق خروجهم من المركز ونقلوا براً وبحراً حتى وصولوا إلى السويد‎.‎ وبحسب جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني فقد أظهرت نتائج مسح لواقع الشباب الفلسطيني من سن 15 -29 عاماً أن ‏‏24 بالمائة يرغبون في الهجرة، غالبية تلك النسبة من قطاع غزة، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة وفي ظل وصول ‏نسبة البطالة في صفوف الشباب إلى 75 بالمائة‎.‎ انسداد الأفق من جانبه، اعتبر أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى “درداح الشاعر” في حديث مع مرصد “مينا” أن انسداد الأفق أمام ‏الشباب في قطاع غزة هو ما دفعهم للهجرة بحثاً عن حياة أفضل ولو بالحد الأدنى، مشيراً إلى أن استمرار الحصار ‏الإسرائيلي والانقسام الداخلي يزيدان من هجرة الشباب‎.‎ وطالب الشاعر الحكومة والفصائل الفلسطينية إلى النظر بعين الخطورة لظاهرة هجرة الشباب من قطاع غزة، وعدم ‏الوقوف موقف المتفرج، لا سيما وأن من بين الأشخاص الذين هاجروا هم كفاءات يمكن للمجتمع أن يستفيد منهم‎.‎ هذا وتحول تكاليف الهجرة والتي تتراوح بين 3-5 آلاف دولار للشخص الواحد دون هجرة آلاف الشبان الغزيين الذين ‏يأملون في أن يفك الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة وتعود عجلة الاقتصاد للعمل ليتخلوا عن فكرة الهجرة إلى البلاد ‏الأوروبي. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى