fbpx

بطاقات شخصية في الشمال السوري.. أكثر من مجرد تعريف بالهوية

كانت سنوات الحرب السورية كفيلة بأن يفقد آلاف السوريين بطاقاتهم الشخصية، لذلك قامت المجالس المحلية في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون بإنشاء مكاتب الأحوال المدنية للعمل على إصدار بطاقات شخصية جديدة وفق نظام عمل موحد بهدف ضبط الأحوال المدنية، والحد من حالة الفلتان الأمني التي تنتشر على نطاق واسع في الشمال السوري.

إجراءات استصدار البطاقات التعريفية:

ترتبط جميع الدوائر المختصة بعملية إصدار البطاقات الشخصية في مناطق ريف حلب ببعضها البعض، وذلك من خلال شبكة الأنترنت التي تم ربط المكاتب بها، فيما يأخذ الجانب التركي على عاتقه متابعة عمل الشبكات والبيانات التي يتم إدخالها، وإصلاح أي خلل أو عطل في عمل المحركات وشبكات الأنترنت، إضافة إلى قيامه بعملية حفظ البيانات لحماية المعلومات من التلف في حال حدوث أي عمل تخريبي يستهدف البيانات والدوائر المنتشرة في المنطقة. حسن العبيد من مكتب الأحوال المدنية في مدينة عفرين يتحدث لمينا بقوله: “ترزح المناطق المحررة تحت سيطرة حالة متدهورة من الفلتان الأمني، وتكثر التفجيرات التي تقترفها جهات مجهولة، كما تنتشر مكاتب تزوير البطاقات الشخصية، لذلك قامت المجالس المحلية بتوظيف كوادر مهمتها استخراج البطاقات الشخصية للمواطنين في مناطق عفرين واعزاز والباب وجرابلس وقباسين بدعم من الحكومة التركية من خلال تأمين المعدات اللازمة للعمل”. وعن الإجراءات المتبعة للحصول على البطاقة يضيف: “يتوجب على الراغب بالحصول على البطاقة الشخصية تقديم كافة الوثائق الموجودة لديه التي تثبت شخصيته، وفي حال عدم وجودها يستطيع أن يقدم شاهدين اثنين للتأكيد على هوية الشخص، وإصدار شهادة تعريف، ثم يتوجه إلى دائرة الإحصاء لتثبيت مكان الإقامة، وبعد ذلك يقصد دائرة الأحوال المدنية للحصول على البطاقة .”مبيناً بأنه: “من الضروري استصدار البطاقة الجديدة لجميع الفئات العمرية بمن فيهم الأطفال من المقيمين والنازحين، بحيث يكون لكل بطاقة رقم وكود غير قابلين للتزوير أو التعديل، كما تقوم مكاتب الأحوال المدنية بحفظ بصمة الشخص الراغب باستخراج الهوية، وصورته الشخصية ببنك معلومات خاص”.

من حق الأطفال استصدار البطاقة أيضاً:

وعن أهمية استصدار البطاقات الشخصية يتابع العبيد قائلاً: “أغلب الأطفال في ظل الحرب دون قيود أو تسجيل في سجلات الأحوال المدنية، لذلك ستتمكن الأسر من تسجيل أبنائها، ليتمكنوا من الحصول على حقوقهم في الصحة والتعليم وغيرها، كذلك ستتمكن دوائر الشرطة من ضبط المجرمين من خلال رفع البصمات وتدقيقها. “مشيراً إلى أن الأشخاص الذين يحملون هذه البطاقة سيكونون قادرين على الحصول على كافة الخدمات المجانية المقدمة في المدينة، وستمكن صاحبها مستقبلاً من الدخول والخروج من تركيا، كما أن عمليات البيع والشراء للعقارات ستتم عن طريق هذه البطاقة حصراً، ولن يقبل التعامل أو مراجعة الدوائر الحكومية إلا بموجب البطاقات التعريفية الجديدة. أبو حمزة تهجر من الغوطة الشرقية إلى مدينة جرابلس، وهو لا يتملك بطاقة شخصية بعد تعرض منزله للقصف منذ سنتين وعن ذلك يقول: “فقدت بطاقتي الشخصية في الغوطة دون أن أتمكن من استخراج بطاقة بديلة لعدم قدرتي على الذهاب إلى مناطق سيطرة النظام باعتباري مطلوب للأفرع الأمنية بسبب نشاطي الثوري، وبعد استخراج البطاقة الشخصية من جرابلس شعرت بالارتياح بهدف الاستفادة من خدمات المجلس المحلي، وإثبات شخصيتي أمام الحواجز الأمنية المنتشرة على الطرقات.” يؤكد أبو حمزة بأنه تمكن من استخراج بطاقة تعريفية لطفله الصغير أيضاً، دون بصمة وصورة شخصية، فيما يمكنه في المستقبل تجديد البطاقة بعد إضافة الصورة الشخصية والبصمات عليها .

النظام السوري يشن على معارضيه حرب الأوراق الثبوتية:

النظام السوري احتكر الدوائر الرسمية ووضعها في مناطق سيطرته، وفرض قيوداً ورقابة صارمة عليها ليجبر معارضيه على التخلي عن حقوقهم في تثبيت الزواج وتسجيل المواليد واستخراج البطاقات الشخصية، أو وقوعهم في غياهب معتقلاته. المحامي أحمد الجمعة من مدينة الباب بريف حلب يتحدث عن أزمة الأوراق الثبوتية التي يعاني منها الأهالي في المناطق المحررة بقوله: “تعتبر مشكلة الأوراق الثبوتية محط جدل في الحياة المدنية الصعبة التي يعيشها الأهالي، لكن تداعيات المشكلة تفاقمت في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة مع غياب المؤسسات المدنية المعترف بها، فضلاً عن تعرض تلك المناطق للقصف الجوي والمدفعي، وفقدان الكثيرين لأوراقهم الثبوتية وصعوبة استصدارها في حالات كثيرة، مما يشكل ضياعاً لهويتهم وجنسيتهم السورية، وخاصة الشبان المنشقين أو المطلوبين للنظام، لذلك فإن البطاقة التعريفية الجديدة ستحل جزءاً كبيراً من المشاكل التي تعترض هؤلاء الشبان بدلاً عن الأوراق الضائعة التي يرفض النظام استخراج بديل عنها”. غياب مؤسسات السجل المدني في المناطق المحررة يحرم الكثيرين من حقهم في امتلاك وثائق تثبت هويتهم، لذلك يعتبر استصدار البطاقات الشخصية خطوة للابتعاد عن الفوضى والعشوائية، وحفظ الأمن والاستقرار ومحاربة الخلايا النائمة التي تنشر الرعب في قلوب الأهالي من خلال تنفيذ الاغتيالات والتفجيرات، فضلاً عن وضع حد لعمليات تزوير الوثائق الرسمية التي انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة.

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا”

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى