fbpx

عن جدار دخان غزة وملائكة الحرب فيها

مرصد مينا

أُطلقت الحرب في غزة، وهذا واقع طال، أما إنهاء الحرب فما زال يخضع لسؤال:
ـ من ذا الذي سيوقفها؟
هذا السؤال، لابد يُقلق جمهور “المشاهدين” كما “جمهور الضحايا”، أما أعمدة الحرب المتمثل بزعاماتها فقد يطال ثلاثة رجال وهم على التتالي:
ـ الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الحكومة لإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وثالثهما يحيى السنوار المسؤول العسكري في حماس.
السؤال كانت “معاريف” الإسرائيلية قد طرحته، ووصفت الرجال الثلاثة بـ “الأبطال”، مضيفة إلى الصفة “المأساويين”، مؤكدة على أفعال التاريخ تلك التي تُصمم بأيدي أبطاله، وفي عودة للسؤال تتابع “معاريف”: “في الشهر القريب القادم سيقع بين بايدن والسنوار ونتنياهو صدام محدد. شخصياتهم، بمستوياتها العلنية والخفية، ستلعب دوراً حاسماً في سياقات إنهاء القتال واليوم التالي”.
وبعد؟
نتنياهو يعمل من موقع ضعف لورقة تتطاير في الريح وفي كل صوب. بايدن يعمل من موقع سيطرة، يستوجب إدارة متعددة الوجوه بمصالح متضاربة. الشخصية الأصلب بين الثلاثة هي شخصية السنوار، الذي يقرر وحده، بمعنى بينه وبين الله”.
تقارير الاستخبارات الإسرائيلية المتصلة بشخصية السنوار تصفه بـ “متزمت وحشي ومريض نفسي يسير حتى النهاية. ليس قبل أن يقتل بسببه مئات الآلاف، وليس قبل أن يستنفد كل حيلة كي ينجو شخصياً وحركياً. ليست لديه مشكلة في قتل مخطوف بالتوازي مع تقدم الجيش الإسرائيلي”.
والسؤال الذي يرافق تقدم القوات على الأرض والاتصالات الدولية، وهو سؤال معاريف هو “كيف سيرد السنوار إذا ما وصل الإسرائيليون إليه. هل سيكون رده “عليّ وعلى أعدائي” مع كل من في المحيط، أم سيرد على عروض النفي بالموافقة على نمط عرفات – على افتراض أن تكون عروض من هذا النوع”
في حرب لبنان الأولى، بعد ضغط دولي، تخلى الجيش الإسرائيلي عن نية قتل ياسر عرفات الذي صعد إلى سفينة (فوهة بندقية قناص رافقته)، غادر بيروت إلى الجزائر ومن هناك واصل النضال الفلسطيني نحو الاستقلال.
هذا واحد من احتمالات السنوار وفق “معاريف الإسرائيلية، فماذا عن الإسرائيليين؟
“من لم يرغب في خوض المفاوضات مع عرفات، ولاحقاً رفض المفاوضات مع أبو مازن، والآن عالق مع السنوار، سيحصل غداً على “الجهاد الإسلامي”. متزمتونا سيحتفلون أمام العدو الجديد – القديم، وإذا كانت لهم الرافعة السياسية المناسبة، فسيجروننا جميعاً إلى هذا الاحتفال”.
في هذه الأثناء، السنوار وحده سيقرر إلى متى سيستخدم قواته ضد الجيش الإسرائيلي. هل سيقاتل حتى النهاية (خيار شمشون علي وعلى أعدائي يا رب)، هل سيخرج إلى المنفى أم سيبقى في الخندق على نمط نصر الله؟
في كل حال، هذا سيكون قراره، وسيكون له تأثير مباشر وحاسم على سياقات إنهاء المعارك.
وتلك قراءة “معاريف” للسنوار، فماذا عن نتنياهو؟
نتنياهو بالمقابل، هو الملاكم الذي يتحرك في الحلبة، وهو يضرب من جهة (اليمين المجنون) إلى جهة (إدارة بايدن) ومن هناك إلى المقررين في الميدان (الجيش الإسرائيلي). في كل مكان يغير رواية، وبعدها يعود إلى البيت مع لكمة في العين وردمة في الكلية كي يتلقى الضربة القاضية اليومية. الهدف الوحيد الذي يدافع عنه بتزمت هو إحباط محاكمته. باقي قراراته هي ثمرة مواجهة صدفية لضغط مصادف في الغموض الذي يعيش فيه.
الرجل الذي هو متعلق به حتى أكثر من بن غفير هو جو بايدن، الذي يعزز آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية. بعد خمسين سنة من الخدمة العامة، يبث بايدن الرجل ارتياح آلة متطورة تعرف كيف تتحرك في اتجاهات السياسة المحلية القطرية والسياسة الخارجية والأمنية العالمية.
وهنا تتساءل “معاريف”:
ـ ما مدى صدق بايدن؟
وتأتي الإجابة على لسان محرر “معاريف” ران أدليست: “لا أعرف كم من الصدق يوظف بايدن في البادرات الطيبة الإنسانية والعاطفية. في الحقيقة، معظم اليهود يؤمنون بأنه هو وهرتسل شاهدا دولة إسرائيل من على الشرفة”.
“من ناحية إسرائيل، يلتزم بايدن أمريكياً أولاً ثم إسرائيلياً. يقف اليوم أمام خيار شخصي وحشي كمن يفترض أن يتنافس في انتخابات 2024 ضد ترامب الذي يتصدر الاستطلاعات. يبحث حزب بايدن عن سبيل لاستبداله بحصان منتعش أكثر، لكنه يصر على التنافس”.
بايدن يتحدث بصوتين. وزير الخارجية أنتوني بلينكن مر بإسرائيل في طريقه من مكتبه إلى بيته (للمرة التي لا ندري كم عددها)، وأوضح بأن الحديث يدور عن زمن محدود، أي نهاية كانون الأول. إسرائيل عارضت. بلينكن حسب “بوليتيكو”، رد بـ “ليس لديكم الكثير من الائتمان”. لجونتان فاينر، نائب جاك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي، جدول زمني مختلف. “إذا ما انتهت الحرب اليوم، ستبقى حماس تهديداً على إسرائيل، ولهذا السبب لن تطلب الولايات المتحدة من إسرائيل التوقف”.
بعد هذا وذاك ستقدم “معاريف رواية” والرواية هي :”روى نير دبوري لداني كوشميرو بأنه “في غضون ستة أسابيع، سيقضي الجيش الإسرائيلي على حماس وينهي المهمة”، وهذه أكثر بأسبوعين من جدول بايدن الزمني. نتنياهو استسلم. على مراحل. قال لبايدن: “العملية في خانيونس ستستمر بقوى عالية حتى نهاية كانون الأول. بعد ذلك ستحتاج إسرائيل لبضعة أسابيع أخرى كي تطهر المنطقة من المخربين”. الجيش الإسرائيلي لا يفهم ماذا يعني تطهير المنطقة بقوى متدنية.
بينما تقول إدارة بايدن صراحة إن إسرائيل لن تحكم في غزة، يروي نتنياهو بأن إسرائيل هي التي ستدير الأمن في غزة، أي ستواصل القتال. الجيش الإسرائيلي لا يفهم علام يتحدث، أما بيني غانتس، في تناوله لليوم التالي فلا يتحدث عن سيطرة عسكرية في غزة، بل عن “تغيير الحكم”، وأفترض بأنه يقصد هذا في إسرائيل أيضاً”.
ـ ستتبقى الخاتمة، وفيها، ستصرخ “معاريف”: “ما هو كفيل بكبح خطط ملائكة التخريب الثلاثة هو تعاظم احتجاج عائلات المخطوفين الذين يقتلون للوصول إلى السنوار. تجري أمامهم حملة بث عمل عابث (حالياً): “نحن في بيت السنوار” .
وبعد:
ـ وكأنه ليس واضحاً أن السنوار الميت لا يساوي أظفر مخطوف حي.
هذا ما تختم به “معاريف”، اما عن الضحايا الغزاويين فليس ثمة رأي بقيمة “اظفر” طفل منهم، هلى تساوي رأس نينياهو / بايدن، أم لا تساوي شيئاً من التراب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى