fbpx

"أبناء العم" فتيل الانفجار…إقليم داخل إقليم في كردستان

“عن نقاش” (جبل قنديل) اسم ارتبط بحزب العمال الكردستاني منذ ما يقارب 30سنة، حيث لا يزال الحزب يسيطر على المنطقة إلى اليوم، ولكن أن يُعلن الإقليم مطلع هذا العام كإقليم مستقل هو ما آثار ضجة وانتقادات كثيرة، وهو بالذات ما تقصّده حزب العمال في هذا التوقيت الحرج بالنسبة للعراق عموما ولإقليم كردستان خصوصا، فالواقع الخدمي المتردي في إقليم كردستان بسبب الأزمة المالية وتعمّق الخلافات السياسية، كان فرصة لحزب العمال لاستعراض نموذجه في الإدارة كبديل عن الأساليب الأخرى للإدارة في إقليم كردستان ولاسيما بعد التظاهرات التي شهدتها المناطق القريبة من حدود إقليم قنديل. طبعا حزب العمال لن يعلن عن ذلك بصراحة بل بخلاف ذلك صرح أن تجربة إقليم قنديل هي عبارة عن إدارة ذاتية لسكان المنطقة وليست إدارة سياسية. وقال “سرحد فارتو” المتحدث باسم لجنة العلاقات الخارجية في منظومات المجتمع الكردستاني التي يشكل حزب العمال جزءا منها: إن الأمر “ليس تشكيل كانتون مثل كانتونات سنجار وروج آفا، وإنما تعتبر منطقة قنديل جزءا من أراضي إقليم جنوب كردستان، وقد شكل أهالي المنطقة مجلسا للإدارة الذاتية لإدارة شؤونهم ومعالجة المشكلات، انه ليس مشروعا سياسيا ولا يعتبر الأمر استقطاعا لتلك الأراضي من إقليم كردستان”. وربط سرحد تشكيل هذه الإدارة الذاتية بضعف حكومة إقليم كردستان في مساعدة أهالي المنطقة قائلا: “كانت حكومة الإقليم تساعد بلدية قنديل من الناحية الخدمية في السابق، إلا أن هذه المساعدة توقفت منذ فترة لذلك تم التفكير للقيام بهذه الخطوة”. وأعلن الإقليم في الثالث والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) الماضي في خمس مناطق خاضعة لسيطرة حزب العمال تحت اسم “الإدارة الذاتية في قنديل” كما تم انتخاب مجلس لإدارته. موقع إقليم قنديل: تمتد مناطق إقليم قنديل في مساحة مثلث على الحدود بين تركيا وإيران والعراق فبعد اجتيازك لآخر نقطة تفتيش تابعة للآسايش في الإقليم هناك طريق وعرة وملتوية توصلك إلى أول نقطة تفتيش تابعة لحزب العمال الكردستاني وبمجرد رؤيتك لصورة كبيرة لعبد الله أوجلان زعيم الحزب  تدرك انك وصلت إلى منطقتهم. وتعد قنديل إحدى أكثر المناطق بردا والتي لا تنقطع عنها الثلوج على مدار الفصول الأربعة وقد ثبّت حزب العمال الكردستاني سلطته فيها منذ بداية التسعينات من القرن الماضي. تمثل المنطقة إقليما مستقلا سياسيا، إذ لا يجري العمل بأي قانون أو نظام أو سياسة عسكرية أو أمنية لحكومة الإقليم في تلك الرقعة الجغرافية، فبمجرد الوصول إلى المنطقة ينقطع الاتصال بالمناطق المحيطة لأن خطوط الهاتف الجوال والانترنيت لا تعمل هناك فيما يقول قرويو المنطقة إن حزب العمال لا يسمح بوصول التكنولوجيا إلى المنطقة من أجل حماية الأمن وخشية تسلل الجواسيس. ويفيد إحصاء لبلدية سفح قنديل إن أكثر من ثمانية آلاف مواطن منقسمين على (26) قرية يعيشون تحت سلطة حزب العمال في قنديل، وهم منشغلون بحياتهم الطبيعية ورعاية المواشي والبساتين والنحل ولا ينخرطون في العمل السياسي إلا فيما ندر. ونظم قرويو سفح قنديل نظام حياتهم فعند حدوث مشكلة اجتماعية ما يقومون بحلها بينهم. ويقول مسؤولو حزب العمال في المنطقة أنهم سيتعاونون في حل مشكلات القرويين إذا تمت استشارتهم كما لا يمنعون القرويين إذا أرادوا نقل مشكلاتهم إلى المحاكم الخاضعة لسلطة حكومة الإقليم بهدف حلها. لكن يبدو أن حكومة الإقليم سحبت يدها عن المنطقة تماما لأنها لا تخصص لها أية ميزانية كما تركت الإدارة والخدمات لحزب العمال، فيما يأخذ حزب العمال سنوياً مبلغاً من المال من قرويي قنديل كجباية عن عملهم في تربية النحل والمواشي. تتمتع المنطقة ببلديتها الخاصة التي تدير شؤون المواطنين والخدمات اليومية، وحول ذلك قال محمد حسن الرئيس المشترك لبلدية سفح قنديل: لقد “أهملت هذه الرقعة الجغرافية من قبل حكومة الإقليم وقد أنشأنا منذ عام 2009 وبمساعدة القرويين بلدية سفح قنديل بهدف إدارة أمور المواطنين في المنطقة وإيصال الخدمات للسكان”. العلاقات مع أبناء العم: تشكيل الإقليم أثار امتعاض الاتحاد الوطني الذي يسيطر على المنطقة على الرغم من تمتعه بعلاقات جيدة مع حزب العمال مقارنة بالحزب الديمقراطي. وتتبع معظم مناطق إقليم قنديل لإدارة محافظة السليمانية الخاضعة لسيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني ولديه مناطق تماس أقل مع إدارة محافظة أربيل التي يشكل الحزب الديمقراطي الكردستاني فيها الأغلبية. وأعرب محمد وتمان العضو القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني عن قلقه من الخطوة التي قام بها حزب العمال لتشكيل إقليم قنديل وقال: “لم يتم استشارتنا في الأمر، أنهم لا يستمعون إلينا ويقومون بما يريدون سواء رضينا أم لم نرض”. القوانين النافذة في إقليم كردستان تنص على أن تشكيل الوحدات الإدارية الجديدة من أقضية ونواحي وصولا إلى المحافظات بحاجة إلى قرار من برلمان كردستان كما ينص الدستور العراقي على أن تشكيل الأقاليم يكون في محافظة أو أكثر وتحكمه إجراءات أكثر صعوبة من الإجراءات الموجودة في إقليم كردستان، إلا أن إقليم قنديل لم يمر بأي من تلك الإجراءات. وقال “ناظم هركي” نائب رئيس لجنة الداخلية والأمن والمجالس المحلية في برلمان كردستان: “يعد تشكيل إقليم قنديل تجاوزاً على سيادة القانون في إقليم كردستان والدستور العراقي فلا يمكن تشكيل إقليم داخل إقليم فهو أمر غير مقبول”. وشدد هركي على أنه ستتم معاملة القائمين بالأمر وفق القوانين النافذة في إقليم كردستان لأنهم لم يستشيروا أحداً في إعلان إقليم قنديل وقال: “ليس هناك قوة رسمية في إقليم كردستان عدا قوات البيشمركة والأحزاب المرخصة”. إعلان الإقليم سبب قلقا للحزب الديمقراطي الكردستاني أيضا حيث شددوا في العديد من تصريحاتهم على ضرورة أن يخلي حزب العمال المنطقة ويعود إلى تركيا كما أكد النائب عن الحزب الديمقراطي ورئيس لجنة الداخلية والأمن في برلمان كردستان ناظم كبير “إن تواجد مسلحي حزب العمال في قنديل غير قانوني وغير دستوري”. وأضاف: أن “الدستور ينص على انه لا يحق لأية قوة خارج وزارة البيشمركة التواجد على أراضي الإقليم وإن تواجد حزب العمال في قنديل هو انتهاك واضح للقانون والدستور وسيادة الأراضي العراقية أيضاً”. عند اندلاع التوترات والاشتباكات بين القوات التابعة لحزب العمال والحزب الديمقراطي قرب سنجار أوائل شهر آذار (مارس) الماضي لوحظ تحرك قوات الحزب الديمقراطي قرب قنديل كما ظهرت مخاوف من خطر اندلاع الاشتباكات بينهما في المنطقة على غرار ما حدث في التسعينيات، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن. بين أنقرة وأربيل وبغداد: الجغرافية، وقد حددتها سلطة الأحزاب باتت اليوم فتيل أزمة قد تشعل المحظور وتنذر بمزيد من التصعيد والمواجهات في المنطقة، فتركيا التي لم تتوقف طائراتها عن قصف إقليم قنديل بين فترة وأخرى، لا تترك مناسبة إلا وتصرح فيها أن الإقليم لا يزال يشكل تهديدا لها، بالمقابل تصمت بغداد عن ما يجري معتبرة أن تعدد المراكز في الإقليم سيضعفه ويسهل عليها استخدامه كورقة ضغط وبالأخص على تركيا. يبقى الخطر الأكبر من النزاعات داخل البيت الكردي الواحد في الوقت الذي ينبغي أن تكون كلمة الأكراد واحدة في إقليم يعاني ما يعانيه لإثبات وجوده وهويته. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد. حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى