fbpx

تهاوي الاقتصاد التركي يتسبب في تأخير رواتب المعلمين في إدلب

تعاني المدارس والعملية التعليمية في محافظة إدلب شمال سوريا من صعوبات عديدة ومن نواحي مختلفة مالية ومنهجية وإدارية مما ينعكس سلبا على مستقبل جيل كامل من الأطفال.

ويعتبر القصف وعدم الاستقرار الأمني أهم العوامل المؤثرة على تراجع العملية التعليمية، كما أن لهجرة الكوادر والمعلمين دورا أكثر خطورة على سير تلك العملية اذ تفتقد العديد من المدارس لمعلمين أكفاء نتيجة هجرة العديد منهم إلى الخارج وخاصة الى تركيا .

الراتب متوقف منذ أربعة أشهر

ويعاني من تبقى منهم ضائقة مالية صعبة جدا إذ لم يحصل أي من المعلمين والبالغ عددهم حوالي 11 الف من المسجلين على ملاك مديرية التربية الحرة في محافظة إدلب على مرتباتهم منذ حوالي 4 أشهر.

حسان ابو حسين مدرس في إحدى مدارس ريف إدلب الجنوبي قال لمرصد مينا “انا والعديد من المدرسين في إدلب مسجلون على ملاك مديرية التربية الحرة ونتقاضى منها مرتباتنا  بدعم من منظمة كومنيكس، لكن تلك المرتبات متوقفة منذ حوالي أربعة أشهر و نحن لانزال على رأس عملنا بدون أي عائدات مالية”.

لم يكن حال المدرس حسان الأكثر سوءا فقد وصل حال البعض من المعلمين إلى ترك التدريس والبحث عن مهنة أخرى لسد الرمق بسبب توقف الرواتب، عمر الأحمد وهو مدرس في إحدى مدارس القرى الحدودية مع تركيا في إدلب، ترك التدريس في مدرسته الشهر الماضي بسبب ضيق الحال وتوجه لتربية الماشية وقال عن تأثير ذلك على الطلاب “اعتقد أن مكاني شاغر الآن والطلاب محرمون من جزء من تعليمهم بسبب تركي للعمل لكن ما عسانا أن نفعل مع توقف الراتب الذي يعتبر مصدر رزقنا الوحيد”

ويضيف عمر الأحمد “لقد اضطررت، وأمثالي كثر لترك المدرسة بحثا عما يسد رمق أطفالنا، وأنا اليوم أعمل في تربية الماشية بانتظار ما سيستجد في أمر المرتبات المتوقفة”

الأهالي مع المدرسين يطالبون بإيضاح سبب التوقف

ويضيف عمر الأحمد “بعد تركي للمدرسة الكثير من الأهالي طلبوا مني الاستمرار في العمل خوفا على مستقبل أولادهم وحرمانهم من جزء من التعليم، وبدوري طلبت منهم التوجه للمسؤولين لمعرفة أسباب توقف المرتبات”.

أبو عبد الله والد لخمسة أطفال جميعهم في المدرسة قال لنا “بدون حدوث أي مشاكل مسبقا، ومع وجود المرتبات كانت جودة التعليم منخفضة بشكل كبير فما بالك مع انقطاع المرتبات، وتغيب العديد من المعلمين عن مدارسهم، لقد أصبح التعليم مهزلة، انا حقا أخشى على مستقبل اولادي”

العديد من الأهالي و المدرسين لم يكتفوا بالتخوف من المستقبل وتوجهوا بالمطالبة بإيضاح سبب توقف تلك المرتبات كل هذه المدة الطويلة

باسل ابو أحمد مدير إحدى المدارس في مجمع كفرنبل بريف إدلب كان أحد المطالبين بإيضاح ما يجري وقال لنا “توجهنا والعديد من المدرسين ومدراء المدارس إلى المجمع التربوي و من ثم إلى مديرية التربية مطالبين بإيضاح سبب توقف المرتبات وتبيان مستقبلنا ومستقبل العملية التعليمية بشكل كامل و لعدة مرات دون أي رد”.

سبب التوقف مشاكل بالتحويل

ويضيف ابو أحمد “مؤخرا جاء الرد من مديرية التربية ببيان مقتضب وغير واضح، مبينا سبب تأخر الرواتب بأنه مشاكل في التحويل” وقد حصلنا على نسخة من بيان مديرية التربية بإدلب، جاء فيه:

“بسم الله الرحمن الرحيم

زملاءنا الأفاضل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نودّ أن ننوه رداً على كثيرٍ من تساؤلاتكم حول تأخّر الرواتب أن الأمر خارجٌ عن إرادتنا وأسباب التأخير ترجع لسببين الأول صعوبات في التحويل والثاني أننا الآن في بداية منحة جديدة ونعدكم إن شاء الله أن يتم صرف الرواتب مع بداية الشهر الرابع

شاكرين تفهمكم “

لكن هذا الرد قاصر من وجهة نظر المعلمين حسان وعمر وباسل والعديد من المعلمين في محافظة ادلب، ويرى حسان ابو حسين ان هذا الرد بعد انقطاع المرتبات لمدة اربع اشهر غير مقنع الى حد ما كما اننا حصلنا على وعود مسبقة من مديرية التعليم بتوزيع الرواتب مع بداية الشهر الثاني و الثالث دون جدوى.

ويضيف باسل ابو احمد اتمنى ان لا يكون هذا الوعد بتوزيع الرواتب مع بداية الشهر الرابع كمثيلاته من الوعود السابقة التي ذهبت ادراج الرياح.

وأما المدرس عمر الأحمد فأكثر ما أثار دهشته هو مصطلح مشاكل في التحويل، وقال لا نعلم ما المقصود من كلمة مشاكل في التحويل؟؟

الاقتصاد التركي هو السبب!!

حصلنا على إجابة على استفسار عمر وغيره من المدرسين من مديرية التربية والتعليم، إذ أطلعنا مصدر مطلع في المديرية رفض التصريح عن اسمه لحساسية الأمر بالنسبة له وقال ” الكل يعلم ان مديرية التربية والتعليم لا تملك واردا ماليا لتوزيع المرتبات وهي تعتمد بشكل كلي على دعم منظمة كمونيكس التي تقوم بتوزيع مرتبات لألاف المدرسين ومئات المدارس”.

وأضاف المصدر في المديرية “في كل عام كانت تحول الأموال بالدولار من المنظمة الداعمة في دول غربية إلى تركيا ومن ثم إلى الداخل السوري وكان يجري بعض التأخير البسيط”

ولكن الجديد هذا العام بحسب المصدر “الجديد هذا العام هو أن الأتراك  هذا العام وبسبب الأزمة الاقتصادية التي يمرون بها يحاولون الاحتفاظ بالدولارات الواردة إليهم من المنظمة الداعمة وإرسال الأموال إلى الداخل السوري بالليرة التركية في محاولة لإسعاف اقتصادهم المتهاوي”.

ويضيف المصدر “السبب الأساسي في التأخير هو رفض المنظمة الداعمة استبدال الأموال من الدولار إلى الليرة التركية وهذا ما دعا المنظمة إلى البحث عن طريق آخر لإيصال الأموال إلى الداخل السوري دون المرور بتركيا”.

وبحسب معلومات متداولة داخل أروقة التربية في إدلب فإن المنظمة الداعمة ستعمل على إدخال الأموال الى إقليم كردستان العراق ومن ثم إلى الداخل السوري دون المرور بتركيا  ليصار إلى توزيعها على مستحقيها من المدرسين الذين لم يحصلوا على مرتبات منذ أربعة أشهر.

استبدال الدولار بالتركي ليس فقط التعليم

مؤخرا في محافظة إدلب وحتى في درع الفرات وغصن الزيتون توزع أغلب المنظمات والمؤسسات التركية وغير التركية مرتبات موظفيها وأموال مصاريفها ومشاريعها بالليرة التركية حصرا، بعد أن كان معظمها يستخدم الدولار في التعاملات، وسبب ذلك بحسب مصادر مختلفة في المنظمات العاملة شمال سوريا هو سياسة تركيا الجديدة التي تهدف الى مصادرة الأموال الواردة بالدولار واستبدالها بالعملة المحلية، في محاولة من الأتراك لدعم الاقتصاد التركي الذي لا يزال يعاني من مشاكل كبيرة حتى اليوم إذ يحرص الأتراك على مصادرة كامل الحوالات الواردة بالدولار إلى مناطق نفوذهم شمال سوريا ويتم استبدال الحوالات بالليرة التركية، هذا ما سبب مشاكل كبيرة في عمل المنظمات الانسانية التي وقعت عقودها مع موظفيها بالدولار وسلمتهم رواتب بالليرة التركية وفق سعر صرف فرضه الأتراك.

الجدير بالذكر أن استبدال الدولار بالليرة التركية لم يرق للعديد من المنظمات العاملة شمال سوريا، مما أدى إلى توقف عملها أو تأخير استلام المرتبات ما انعكس سلبا على الواقع المعيشي والخدمي في مناطق سيطرة المعارضة شمال سوريا وكان التعليم مثالا .

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا”

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى