fbpx

قطر طالبت بالسيادة ففقدتها!.. الارتهان لإيران وتركيا

ثمة اختلاط ما بين مفهومي السيادة الوطنية والدور، فإذا كانت السيادة الوطنية تعني استقلال القرار السياسي وفق متطلبات المصلحة الوطنية، فهذا شأن كل أمة تسعى لكرامتها الوطنية، والحفاظ على مواردها وحدودها وحماية سكّانها، أما حين تتلظّى المواقف السياسية بمفهوم السيادة، لتخفي وراءه دوراً وظيفياً ينال من محيطها الإقليمي، فلهذا معنى آخر، ليس سوى التبعية المغلّفة بمفردات ستكون بالنتيجة مفردات فضفاضة، لاتتجاوز في قيمتها قيمة الناطق بها، وهو حال الدوحة، وقد مدّت خيوطها نحو  طهران، من جهة، ونحو أنقرة من جهة أخرى، في لعبة هي في حقيقتها تحويل قطر إلى منصة انطلاق للمشروع الفارسي ببعديه العقائدي والسياسي، وفي ذات الوقت اللعب على انتزاع الدور العربي من مركزه في الجزيرة العربية، لتكون أنقرة  هي المركز، وبالنتيجة  لتتحول قطر إلى ملحق لواحد من المشروعين في مواجهة الأمة العربية بشكل عام، ودول الخليج على وجه الخصوص، والكل يدرك ما ترمي إليه طهران من خلال احتوائها للدور القطري، سواء ببعده المالي، وهي الإمارة التي تمثل قوّة اقتصادية كبيرة، او ببعده الإعلامي عبر محطة الجزيرة وقد باتت ممراً للخطاب الإيراني، بالإضافة للخيوط الممتدة ما بين الدوحة وأنقرة، وتوظيف المال والاعلام القطريين لحساب الحكومة التركية، بما يعني أن وظيفة الدوحة قد باتت   انتزاع المركز العربي الإسلامي من بعده العربي ـ الإسلامي، وتحويله إلى واحد من مشروعين طامحين لاحتلال دور المركز وهما طهران ـ انقرة اللذين يتجاذبان اللعبة، فيما تشكل الدوحة عتبة لأحدهما. في هكذا حال، ما الذي يعنيه القرار الوطني المستقل؟ هل يعني القرار الوطني المستقل أن تتحول البلاد إلى عتبة لمشاريع إقليمة، لم يكن تاريخها على امتداد التاريخ سوى تاريخ توسعي على حساب شعوب المنطقة؟ لابد ان الفارق شاسع ما بين دولة الوظيفية والدولة المستقلة، والمسافة بينهما يمكن اختزالها بأن الأولى، لن تكون سوى (العتبة)، فيما الثانية هي حقيقة من حقائق التاريخ، لاتنتزعها الصُدفة، ولا تخلقها الصُدفة. هو ذا الفارق.. هي ذي المسألة. قطر الارتهان بدعوى السيادة؟ تنفس الشارع العربي عموماً والخليجي خصوصاً الصعداء بعد أن وجهت المملكة العربية السعودية الدعوة إلى قطر من أجل حضور القمة التاسعة والثلاثين لمجلس التعاون الخليجي؛ واعتبرت تلك الدعوة رسالة إيجابية من الجانب السعودي لتجاوز الخلافات السابقة بين البلدين المنعكسة سلباً على الوضع السياسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي خليجياً. بعد الحملة الشعواء التي قامت بها قطر من خلال مؤسساتها الإعلامية كالجزيرة وأخواتها أثناء قضية مقتل الصحفي السعودي الخاشقجي؛ كما أن تصريح ولي العهد السعودي في رؤيته لتطوير المنطقة الخليجية والعربية تجاه قطر رغم خلافه معها يصب في الاتجاه الإيجابي ذاته. لكن قطر يبدو أنها ماضية في سياسة العناد والشغب حتى ولو دفعها ذلك للارتهان للقرار الإيراني الذي لم ترتح المنطقة منذ مجيء حكم الملالي للسلطة في إيران، بل ذهبت لتعمل خادمة للمصالح التركية في ذلك لتوسع شقة الخلاف بين التراك والسعوديين. قطر إلى أين؟. الاستعداء القطري المقصود للسعودية؛ بات فاحشاً جداً وخصوصاً في تسخيرها لكل مؤسساتها الإعلامية إبان قضية مقتل الخاشقجي معتمدة على تسريبات مقصودة قام بها الجانب التركي لابتزاز السعودية لمصالحه؛ لكن الجانب السعودي رفض عملية الابتزاز التركية؛ مما دفع بالجانب القطري لاستغلال هذا الخلاف بين السعودية وتركيا؛ ليقوم بحملة إعلامية ضد السعودية ظاهرها حقوق الإنسان وباطنها خصومة غير مبررة من خلال عدوانية تجاه السعودية. ولا يمكن لعاقل سواء اصطف مع السعودية أو قطر أن يرى هذه الحرب السياسية أو الإعلامية في مصلحة المنطقة العربية وهي تعاني أسوء مراحلها التاريخية إنْ من جانب الفوضى العارمة التي تعج بها دول الربيع العربي؛ أو من جانب القضية الفلسطينية التي باتت تمر بمنعطف خطير. ما دفعنا لكل ما سبق هو معلومات تتحدث عن رفض قطري لدعوة السعودية بحضور القمة الخليجية؛ وغيابها المقصود عن ذلك اللقاء المهم نتيجة ضغوط تركية وإيرانية!! وهذا هو الارتهان الذي يُسْقط دعوى المحافظة على سيادة القرار الوطني التي تدعيها قطر أمام السعودية. المصادر التي تحدثت عن الرفض القطري رأت أن ذلك غير خادم لمصلحة منطقة الخليج إذ ستصبح دولها منقسمة عمودياً ما بين الولاء للقرار العربي والقرار الإيراني الذي يريد منفذاً وذريعة تعرقل مسار العقوبات الأمريكية المهددة لوجود نظام الملالي برمته؛ وأيضاً ذريعة لتركيا كي تسيطر على القرار العربي بعقلية سلطانية تعمل لمصلحتها فقط وتتخذ من العمالة العربية أدوات فحسب. هذا كله يجعل الانقسام يزداد اتساعاً داخل المنظومة الخليجية؛ وهذا الابتزاز التركي/الإيراني للقرار القطري (إنْ صح) سيزيد من حدة الخلافات الخليجية لتنعكس على المنطقة العربية برمتها إنْ في الملف اليمني أو في الملف الفلسطيني، وحتى من أجل المساهمة بإنهاء حالة الاستعصاء بالحل السياسي في سوريا وليبيا. قطر بعد تولي الأمير حمد السلطة في بلاده بعد انقلابه على والده الذي كان منسجماً مع السياسية الخليجية عموماً والسعودية خصوصاً؛ أخذت خط العناد السياسي وباتت تحتمي بالاستراتيجية الأمريكية التي ذكرناها آنفاً تجاه حلفائها. لقد أصبحت سياسة العناد والشغب القطري تأخذ قطر باتجاه جعلها دولة مارقة خصوصاً بعد الإعلان مؤخراً عن التعاون في مجال النفط مع طهران لتطوير حقل فارس النفط؛ بمعنى أن قطر باتت تستغل الخلافات الدولية لمصلحة خصوم المنطقة العربية؛ وهي بذلك تلعب بالنار في مستقبلها. هذا الشغب القطري أثار حفيظة وزير خارجية البحرين خالد آل خليفة ليعلن بأن الخلاف مع قطر وصل إلى نقطة بعيدة جداً؛ لم يسبق أن وصلها خلاف بين سياسات دول الخليج. الأمر ذاته رأته دولة الإمارات العربية المتحدة وعبرت عنه من خلال تغريدة على (تويتر) لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش كي يقول: إن الأزمة السياسية بين دول الخليج ستنتهي بانتهاء العلة الباعثة لها المتمثلة بدعم قطر للتطرف والتدخل في قضايا استقرار المنطقة. ختاماً ما نريد قوله أن دعوى (سيادة القرار الوطني) جعل قطر تذهب باتجاه إيران ألد أعداء العرب مذهباً وقوميةً؟! ودفعها كي ترتهن للمصلحة التركية لتغدو قصتها تشبه القصة العالمية الشهيرة (الرجل الذي فقد ظله) فمثل هذا الاندفاع نحو تنفيذ الرغبات التركية والإيرانية سيجعل قطر تفقد ظلها الخليجي العربي؛ وبالتالي تنسلخ عن الدور الذي طالما صدعت به رؤوسنا طوال عشرين عاماً من خلال قناة الجزيرة؛ في الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية، وستذهب باتجاه خصومة مع السعودية لن يحميها القرار الأمريكي منها إلى الأبد؛ فباسم سيادة القرار أضاع حكام قطر عروبتهم؛ وفقد الإعلام المدعوم قطرياً زخمه السابق ومصداقيته؛ وقد تجلى ذلك في تعاملها مع قضية الخاشجقي؛ فماذا تريد قطر بعد؟. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى