fbpx

اللشمانيا في مدينة حماة

شهد العام الحالي انتشار أمراض عدة منها الخطرة، ومنها المعدية، إضافة إلى أمراض لم تكن موجودة قبل عام /2011/ لا سيما في الشمال السوري، وبالذات في ريف حماة الذي ازدادت فيه نسبة الأمراض بين السكان، مثل التلاسيميا والسرطان واللشمانيا  (حبة حلب) التي فاقت كل التوقعات في الإصابة والانتشار وبالتحديد في الريفين الشمالي (كفرزيتا – اللطامنة – مورك) والغربي (ناحية قلعة المضيق وناحية الزيارة) بعدد إصابات تعدت 10000 إصابة في الربع الأول من عام 2018 بحسب مديرية صحة حماة الحرة.

  • ما هي “اللشمانيا” وكم بلغ عدد الإصابات في محافظة حماة؟

تجاوزت نسبة الإصابة باللشمانيا حدود المعقول في حماة هذا العام، وفي رقم مخيف صادر عن مديرية صحة حماة الحرة تجاوزت الإصابات حدود 10000 إصابة بحسب الطبيب حامد شيخ حامد “رئيس دائرة الوقاية بالمديرية” الذي قال: “إن اللشمانيا مرض طفيلي تنقله حشرة تسمى ذبابة الرمل تنشط في الكهوف والحظائر والمستنقعات، وتقسم اللشمانيا إلى:

  • لشمانيا جلدية: تلسع حشرة اللشمانيا جلد الإنسان لتظهر في إثرها حبة حمراء تتغذى على الدم ويجب معالجتها وهي غير معدية، قد تستغرق معالجتها مدة زمنية قصيرة.

2- داء اللشمانيات الحشوي أو “الكالا”: هو النوع الأكثر شراسة من أنواع          اللشمانيات الأخرى، ويصنف ثاني طفيلي في مستوى العالم خطورة وفتكاً بعد الملاريا، وتتسبب بهِ الإصابة بطفيلي من جنس اللشمانيا. وغالباً ما تظهر الأعراض بعد 2-8 أشهر من التعرض لعضة ذبابة صغيرة تعرف باسم ذبابة الرمل Sandfly، وأغلب المصابين لا يتذكرون أي عضة أو تعرض لذبابة قد سببت لهم مشكلة في مرحلة مسبقة، وتكمن الخطورة في إصابة اللشمانيا الحشوية بقدرة الطفيلي على تدمير الجهاز المناعي للجسم. أما بخصوص مقارنة الإصابة باللشمانيا بين العام الحالي والأعوام الماضية أكد الدكتور حامد أنه من خلال الإحصاءات الدقيقة لمديرية الصحة إن الإصابة كانت في الربع الأول من عام 2017، إذ وصلت إلى (8200 إصابة) ليزداد هذا الرقم في الربع الأول من عام 2018 إلى (12204 حالات)، إذ أبدى الدكتور حامد تخوف مديرية الصحة من هذا الرقم فهو مرشح للزيادة يوماً بعد آخر.

  • ما هو سبب انتشار اللشمانيا؟

في هذا الصدد أكد الدكتور حامد أن أسباباً عدّة أدت إلى ارتفاع الفجوة بزيادة عدد الإصابات بمرض اللشمانيا أبرزها: –  الحرب المستعرة في سوريا منذ 2011. – لجوء السكان إلى الكهوف كما في مدن اللطامنة وكفرزيتا والقرى التابعة لها في ريف حماة الشمالي  التي تعتبر بيئة حاضنة لذبابة الرمل. – المستنقعات المائية وقنوات الري والصرف الصحي المهجورة التي تنمو فيها العشبيات مثل منطقة سهل الغاب، إذ إن إقامة السكان بالقرب من تلك المستنقعات والمسطحات المائية. – توقف المنظمات عن دعم مديرية الصحة بالأدوية اللازمة لمكافحة اللشمانيا ومنها المونيتور التي كانت تدعم مراكز المديرية بعقارَي /غلوغانتيم – البنتوستام/ اللازمين لمعالجة اللشمانيا إذ توقف الدعم تماماً مع بداية الشهر الثاني من عام 2018. ما ساهم بصورة سلبية في اتساع الفجوة وتزايد الإصابة بسبب انتكاس الحالات التي كانت قد شارفت على الشقاء، إذ تحتاج الحالة المصابة باللشمانيا إلى ما يقارب 60 – 70 أمبولة، إلا أن توقف العقار وانقطاع الحالة عن الحصول على العلاج يجعلها تتدهور وتعود إلى نقطة الصفر ما يسبب ارتفاع الأعداد بدل تناقصها.

  • ماذا قدمت مديرية صحة حماة للسيطرة على مرض اللشمانيا؟

وفي هذا الصدد قال المسؤول الإعلامي باسم المديرية الأستاذ إبراهيم الشمالي إن مديرية الصحة في مدى 3 أعوام ومن خلال مراكزها الموجودة في مدن كفرزيتا وقلعة المضيق واللطامنة ومورك واللطامنة وبلدات قسطون والشريعة والحواش ومراكز الريف الشرقي لم تتهاون في تقديم العلاج اللازم للمصابين، إضافة إلى تمويلها حملات رش وقائي في المناطق سابقة الذكر، كانت حملات الرش الوقائي تستهدف منازل السكان وأماكن وجودهم كافة، إضافة إلى رش المستنقعات  وقنوات الري بالمبيدات بشكل دوري سنوياً، إلا أنه بسبب توقف المنظمات الداعمة عن إمداد المديرية ومراكزها بالأدوية اللازمة ارتفعت الفجوة وازدادت الإصابات، فخاطبت مديرية الصحة عبر كتب رسمية منظمة الصحة العالمية Who  والشركاء الموجودين في تركيا لإطلاعهم على ضرورة مكافحة الإصابة التي تحولت إلى وباء أصاب المحافظة.

  • ما هي الفئة العمرية الأكثر تعرضاً للإصابة؟

في سياق متصل أكد المسؤول عن قسم اللشمانيا في مركز قسطون  “علي أزكاحي” أن الأطفال دون سن الـ 15 هم أكثر عرضة للإصابة بذلك المرض بسبب وجودهم لفترات خارج المنزل وبالقرب من المستنقعات والمسطحات المائية، إذ إن الأطفال استحوزوا على نسبة 90 في المئة من ناتج الإصابات باللشمانيا في ريف حماة، وأسهب “أزكاحي” بأن منطقة الوجه والذراعين أكثر عرضة للإصابة في الجسد إذ تستهدف ذبابة الرمل المناطق المكشوفة من الجسم.

  • ما دور المجالس المحلية ومجلس محافظة حماة في مكافحة اللشمانيا؟

يعد مجلس محافظة حماة أحد أبرز الشركاء في مكافحة المرض بحسب الدكتور حامد الشيخ حامد رئيس دائرة الوقاية في مديرية الصحة، إذ يجب على مجلس المحافظة والمجالس المحلية العمل على القيام بحملات تنظيف متتابعة تستهدف القمامة في الأحياء السكنية والقرى إضافة إلى حملات رش بالمبيدات للمستنقعات والكهوف، وأكد حامد أن جهد محافظة حماة كان ضعيفاً في هذا المجال في العام الجاري ولم يعر اهتماماً لهذا الشأن. بدوره لفت رئيس مجلس محافظة حماة الأستاذ نافع البرازي أن المجلس نفذ حملة لرش المنازل في ناحية القلعة في منطقة سهل الغاب وكان من المخطط أن تستهدف الحملة الريف الحموي الخارج على سيطرة النظام إلا أن المنظمات الداعمة للمشروع أوقفت الدعم عنه فلم نستطيع التوسع فيه. وأضاف “البرازي” إن مجلس محافظة حماة استطاعت خلال عام 2018 الشروع في العمل ضمن مشروع نظافة متكامل في ريف حماة عموما الخارج على سيطرة النظام، وقد استطاع المجلس افتتاح المشروع في ناحية قلعة المضيق وكفرزيتا بآليات خاصة للنفايات، استهدف المشروع الجمع اليومي للنفايات ومن ثم تجميعها ضمن مكب نفايات خاص والتخلص منها بطريقة الحرق بإشراف مختصين. من جهة أخرى قال شجاع الصالح “المسؤول عن المجلس المحلي في ناحية الزيارة” غرب حماة إن المنطقة بحاجة إلى جهد كبير للتخلص من النفايات التي تعتبر المسبب الرئيس لمرض اللشمانيا، فالمنطقة خارج الحسابات من جانب المنظمات أو الهيئات والحكومات، فمنذ عام 2011 مشروعات النظافة متوقفة بشكل كامل إضافة إلى أن قنوات الري تحولت إلى غابات حقيقية نظراً إلى عدم استصلاحها دوريّاً، إضافة إلى قنوات الصرف الصحي المكشوفة، ما ساهم في تجمع الأوساخ والحشرات في تلك القنوات التي أصبحت حاضناً طبيعياً للشمانيا التي انتشرت بكثرة في قرى الناحية وبلداتها لتتجاوز 7 في المئة، في حين إن عائلات مؤلفة من 10 أشخاص في بلدة قسطون مصابة بالكامل من الأب والأم وصولاً إلى أصغر طفل في العائلة. وأكد الصالح أن المجالس المحلية بالتعاون مع السكان نفذت مشروعات صغيرة لترحيل النفايات من القرى والبلدات إلى خارجها إلا أن عودة السكان المتتابعة إلى المنطقة ساهمت في زيادة النفايات والأوساخ كثيراً وسط تعامٍ حكومي (من الحكومات التي نصبت نفسها وصية على مناطق المعارضة) عن المنطقة التي دمرتها آلة الحرب وخلفت فيها كثيراً من الركام والأتربة التي تجمعت فيها الأوساخ على مر السنوات لتنشط فيها الحشرات والآفات.

  • طرائق الحماية من الإصابة

بذلت مديرية صحة حماة الحرة جهداً ملحوظاً في موضوع المكافحة وطرائق الوقاية بحسب رئيس قسم اللشمانيا في مركز قسطون الصحي “علي أزكاحي” الذي قال: “إن أهم طرائق الوقاية هي رش السكان لمنازلهم بشكل دوري شهرياً بمبيدات الحشرات؛ لا سيما أن ركام الحرب والمستنقعات والكهوف التي ينتشر بينها السكان حاضن مثالي لذبابة الرمل، ويجب الاهتمام أكثر بالأطفال والمحافظة على النظافة الشخصية وفي حال الإصابة اللجوء إلى أقرب مستشفى أو مركز صحي لإجراء التحاليل اللازمة ومحاولة الحصول على العقار اللازم حتى وإن كان من الصيدليات الخاصة.

  • الطرائق المتبعة بين سكان حماة للتداوي

من المعروف أنه مع انتشار كل آفة يكثر التجار حتى في مجال الصحة لتصبح مهنة التداوي من اللشمانيا سلعة قابلة للرواج لا سيما أن الأشخاص المصابين على استعداد للدفع للتخلص من أثر الإصابة وبخاصة اذا كانت في الوجه، ولأن الدواء أو العقار المستعمل في التداوي يحتاج إلى أكثر من 20 جلسة بفاصل زمني أسبوع بين الجلسة والأخرى للتداوي. وفي هذا الصدد يتحدث الصيدلاني “مروان الرحال” من ريف حماة الغربي عن أن جهات عدّة تبنت إنتاج عقار فاعل للشمانيا مستغلين غياب الرقابة القانونية عن المنطقة والمجال الطبي. فقد برز التداوي بالأعشاب وبتكاليف عالية وصلت إلى 50$ على 3 مراحل، من دون أن تعطي للمصاب أي نتيجة حقيقية، ومن تلك الأعشاب كانت نبات “الجيجان” الذي أحدث نتائج سلبية على وجه المريض ما يزيد المعاناة. وبرز هناك التداوي بالكي بالنار، وعلى مرحلتين وبتكلفة تصل إلى 10$ للجلسة الواحدة، فضلاً عن الخلطات الطبية التي تبناها بعض المنتفعين من الصيدليات الذين لا يملكون شهادة صيدلة في الحقيقة بل استغلوا غياب القانون وعمدوا الى إفتتاح صيدليات أشبه بمحال بيع أدوات غذائية”.

  • ماذا قدمت المنظمات في سبيل مكافحة اللشمانيا؟

عملت منظمة “المونيتور” على مشروعات عدة للقضاء على اللشمانيا منها إقامة دورات للفرق الطبية عام 2015، دورات مكثفة للفرق الطبية العاملة في الداخل السوري بخصوص مكافحة اللشمانيا، وعمدت المنظمة نفسها في صيف 2017 إلى القيام بمشروع بخ وقائي لمنازل المدنيين في الشمال السوري المحرر (حلب، حماة، إدلب) من خلال بخ المنازل بأدوية وقائية تقضي على الحشرات كافة وتعمل على إنشاء جدار وقائي للمنزل يطول زمنه إلى ستة أشهر. أما منظمة  بيوبل أن نيد فقد ساهمت في توظيف عمال نظافة عام 2018 في قرى الريف الحموي المحرر وبلداته كافة بأجور تصل الى 100$ في الشهر للعامل الواحد بهدف إزالة أنقاض الحرب والأوساخ والنفايات من الحدائق والشوارع العامة. فيما ما تزال فرق الدفاع المدني العامل الأول في خدمة المواطنين في ريفي حماة الشمالي والغربي بالعمل ضمن مشروعات على عموم المحافظة وبشكل شبه دوري كل 3 أشهر للتخلص من النفايات وأنقاض الحرب. أما الدور المؤسساتي للحكومة المحلية ومجلس محافظة حماة كان دون المؤمل منه بحسب فاعليات مدنية في محافظة حماة، إذ يجب على الحكومة تخصيص ميزانية للمحافظة على نظافة البلدات والمدن وبخاصة تلك التي تعاني أنقاض الحروب وتعتبر بيئة حاضنة للآفات المختلفة. [smartslider3 slider=2] مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

''''''

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى