fbpx

ناديا مراد: عندما تكون الضحية مدرسة في الإنسانية

شعلة جديدة تضيئها الناشطة العراقية الإيزيدية بقرارها الأخير، التبرع بحصتها التي حصلت عليها من جائزة نوبل، من أجل بناء مستشفى في بلدها، في مفارقة غاية في الأهمية، وفي صورة إنسانية نبيلة تحمل روعة في المعاني. ناديا مراد خرجت من محنتها نحو البناء، ووضعت نصب عينيها مساعدة بنات بلدها اللواتي تعرضن لعنف هو الأقسى في هذا العصر، عندما تم سبيهن واستعبادهن بشكل مهين، وجارح، سيبقى علامة مؤلمة على جبين الإنسانية إلى أمد بعيد، ورسالة ناديا الأبرز والأهم، أن المرأة المضطهدة قادرة على الخروج من محنتها، وقادرة على حمل قضايا بلادها، وقادرة على تحمل العقبات ومواجهة المصير والتعقيدات التي تفرضها الأزمات والحروب، وبذلك انتقلت ناديا، وفي فترة وجيزة من كونها ضحية، إلى دورها كسفيرة للنوايا الحسنة، ثم أصبحت بين ليلة وضحاها واحدة من الأيدي البيضاء التي تساهم في البناء، ومن خلال رسالة إنسانية خالصة. بمقابل ذلك في مكان غير بعيد، لا تزال آلاف النساء المختفيات قسرياً في سجون النظام السوري، وغيرهن من آلاف النساء اللواتي تعرضن للاستعباد الجنسي على أيدي النظام ومليشياته، ولا يزال أغلبهن يتخبطن بين مصير مجهول، او استعباد متتالي. يضاف الى ذلك آلاف النسوة والأرامل، وممن تقطعت بهن السبل، ووجدن أنفسهن بين مناطق يسيطر عليها أشباه داعش، مثل تنظيم القاعدة وملحقاته، حيث لم يبق لهؤلاء المتطرفين سوى أن يربطوا المرأة بالسلاسل لكي تبقى رهينة المكان الذي يختارونه لها، إضافة الى غيرهم، مثل أولئك الذين عملوا على تغييب الناشطة رزان زيتونه ورفاقها، وغيرهم ممن لا نعلمهم، وغيرهم ممن حاولوا نصرة شعبهم وبلادهم، لكن آلة التطرف أو النظام سحقتهم، فالحكاية واحدة، وللتطرف أشكال متعددة. أدركت ناديا مراد أن ما تحتاجه البلاد في الحروب وبعدها هو من يضمد الجراح، وأدرك نظام الأسد وحلفاؤه أن هدم المستشفيات وتدمير البنية الصحية حتى في أماكن سيطرة النظام، تلك هي رسالة المستبد، والغازي، والمحتل، الذي لا يعنيه تضميد الجراح شيئاً، لأنه بالفعل، من الصعب جداً، أن تكون باحثاً عن السلطة، وأن تمارس الإنسانية بذات الوقت. يبقى أن نقول إلى كل الذين استعبدوا المرأة السورية، إن ناديا مراد انتصرت في الزمان والمكان الصحيح، وفي الوقت ذاته، لا تزال المرأة السورية عاجزة عن النضال ولو بصمت، وعاجزة عن الكلام ولو بلغة الإشارة، فهل نعتبر؟؟ وهل نحمي المرأة بدلاً من تكبيلها بالسلاسل؟؟ مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى